يعرف القانون الجماعة المحلية كوحدة ترابية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وهي بالتالي شخص من أشخاص القانون العام، ويعتبر إحداث الجماعات المحلية مظهرا من مظاهر الديمقراطية لأن المواطنين في هذه الحالة يتصرفون في تدبير شؤونهم بأنفسهم وبمعزل عن مركزية الدولة وتركيز السلطة وذلك باتخاذهم القرارات الناجعة لأنهم أعرف بمشاكلهم دون سواهم. بالإضافة إلى كون الدولة تعترف لهم قانونيا بهذه الديمقراطية وهذه اللامركزية.
أهداف ومبادئ الميثاق الجماعي الجديد
في قراءة للقانونين رقمي 78.00 و79.00 نلمس عن قرب أن المشرع يستهدف من خلال الميثاق الجماعي، وتنظيم مجالس العمالات والأقاليم تحقيق مجموعة من الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تتمثل بالخصوص في تثبيت ديمقراطية الجوار، وترسيخ استقلالية وحريات الجماعات المحلية، وتوسيع مسؤولياتها، وتوضيح دورها في مجال التنمية المحلية وتهيئة التراب، والمساهمة في تقليص الاختلال والفوارق الاقتصادية والاجتماعية.
وتتجلى أهم المبادئ التي أتى بها الميثاق الجديد في توسيع مجال الديمقراطية المحلية، وتدقيق اختصاصات الجماعات المحلية، والتخفيف من الوصاية، وتحديث أساليب الرقابة الإدارية والمالية، وتأهيل العمالة أو الإقليم للارتقاء بهما إلى مستوى الجماعات المحلية الأخرى، وتخليق الحياة العامة وتحسين تدبير المرافق العمومية، ويتركز في كل ذلك على:
- تدقيق وتوسيع اختصاصات المجالس الجماعية ورؤسائها.
- إقرار نظام لحقوق وواجبات المنتخب الجماعي.
- إقرار نظام لحقوق وواجبات المنتخب الجماعي.
- إلغاء نظام المجموعة الحضرية وإقرار وحدة المدينة.
- مراجعة وتحديث قواعد الوصاية.
- تخليق المرفق العام المحلي.
- تبسيط قواعد تسيير المجلس الجماعي.
- تطوير آليات التعاون والشراكة.
وفيما يخص إقرار مبدأ وحدة المدينة، فقد تم إلغاء نظام المجموعة الحضرية رغم بعض إيجابياته وذلك نظرا لما نتج عن تطبيقه في الممارسة العملية من عيوب وسلبيات أهمها تضارب وتداخل الاختصاص بين المجموعة الحضرية والجماعات المكونة لها، وتزايد الفوارق الاقتصادية والمالية بين جماعات المدينة الواحدة، وانعدام التناسق الحضري، وغياب تصور شمولي للتهيئة، وارتفاع تكاليف التسيير، وتفتيت الموارد العمومية، وهيمنة المشاريع الصغرى على حساب التجهيزات الهيكلية والمشتركة بين الجماعات.
واعتبارا لهذه السلبيات، فقد حصل إجماع وطني على ضرورة إقرار وحدة المدينة، والتخلي عن نظام المجموعة الحضرية. وقد بدأ تطبيق هذه التجربة على الحواضر الكبرى.
بصفة عامة فقد جاء الميثاق الجماعي الجديد بإصلاحات هامة عملت على سد العديد من الثغرات التي عرفها الميثاق الجماعي لسنة 1976 بالإضافة إلى أنه يمثل منعطفا جديدا في تاريخ اللامركزية ببلادنا وتحولا هاما في بداية هذه الألفية في مسار تدعيم الديمقراطية المحلية وترسيخ أسس إدارة الحوار وتثبيت دولة الحق والقانون.
تعريف الجماعة واختصاصاتها وفق القانون الجديد
ينص الفصل الأول من الظهير الشريف رقم 1.02.297 الصادر بتاريخ 25 رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي على أن : “الجماعات هي وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي. وتنقسم إلى جماعات حضرية وجماعات قروية …”.
وحسب باقي فصول هذا الظهير أو ما يصطلح عليه بالميثاق الجماعي، فإن شؤون الجماعة يتم تدبيرها من طرف مجلس منتخب، وينتخب هذا المجلس من بين أعضائه رئيسا وعدة نواب يؤلفون مكتب المجلس المذكور، ويختلف عدد النواب تبعا لعدد سكان الجماعة المعنية حيث يتراوح ما بين ثلاثة وعشرة نواب.
ويفصل المجلس الجماعي بمداولاته في القضايا التي تهم الجماعة من خلال الدورات التي يعقدها بعد التوفر على النصاب القانوني. وتنقسم هذه الدورات إلى دورات عادية، وأخرى استثنائية، فالدورات العادية تعقد أربع مرات في السنة خلال أشهر فبراير وأبريل و يوليوز وأكتوبر. أما الدورات الاستثنائية فيتم عقدها كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
ويتداول المجلس الجماعي وفق جدول أعمال يضعه رئيس المجلس بتعاون مع المكتب وبتنسيق مع باقي الأعضاء ويجوز للسلطة المحلية المختصة أن تقترح إدراج المسائل الإضافية التي تعتزم عرضها على أنظار المجلس، ويؤلف المجلس من بين أعضائه لجانا دائمة لدراسة القضايا التي يجب أن تعرض على الاجتماع العام.
يمارس المجلس الاختصاصات المخولة له بموجب الميثاق الجماعي ويتخذ لهذه الغاية التدابير اللازمة ليضمن للجماعة المحلية كامل نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ويستفيد في ذلك من مساعدة الدولة والأشخاص العموميين الآخرين.
ويعتبر رئيس المجلس الجماعي بمثابة الجهاز التنفيذي للمجلس، حيث يتولى تنفيذ المقررات الصادرة عنه ويسهر على تسيير المصالح.
ولأجل النهوض بالمهام المسندة إليها تتوفر كل جماعة على هيئة خاصة من الموظفين الذين يخضعون للرئاسة التسلسلية لرئيس المجلس الجماعي ويحتل هؤلاء الموظفون الجماعيون أهمية بالغة في حياة الجماعات المحلية، حيث يعهد إليهم تجسيد إرادة المنتخبين المحليين من خلال أعمال إدارية ومالية واقتصادية وثقافية من شأنها ضمان تنمية شاملة للجماعة.
وللقيام بالمسؤوليات المنوطة بها والمتمثلة أساسا في خدمة المواطنين القاطنين بترابها تتفرع كل مجموعة من الأقسام والمصالح التي تختلف أهميتها بحسب المهام المسندة إليها.