تاريخ المدينة
نبذة تاريخية عن المدينة :
لقد لعبت مدينة تازة أدوارا هامة في تاريخ المغرب القديم و الحديث، فظهرت لأول مرة على المسرح السياسي بعد الفتوحات الإسلامية أيام الدولة الإدريسية، فبعد وفاة المولى إدريس الثاني تولى الحكم بعده ابنه محمد الذي قسم المغرب على إخوانه كرؤساء للنواحي، وكان من نصيب أخيه داوود تازة، ثم دخلهاالمرابطون سنة 452 ه على يد أبي بكر بن عمر، وفي سنة 529 ه دخلها عبد المؤمن بن علي الموحدي في غزوته الكبرى التي كانت نهاية لدعوة المرابطين. وفي عهد عبد المؤمن بن علي الموحدي تم بناء الشطر الأول من المسجد المعروف بالجامع الكبير سنة خمسمئة واثنين و أربعين هجرية، وفي عهد المرينيين أظيفت إلى المسجد المذكور زيادات مهمة : بلاطات في قبلته، وبلاطان شرقي و غربي مع إصلاح صحنه الذي كان قريب السقوط، وكان الفراغ من بنائه في أواخر شوال سنة 691 للهجرة.
المسجد الأعظم بتازة تاريخ و حضارة :
تقع مدينة تازة على هضبة ترتفع عن سطح البحر بأزيد من 6000 متر،وتمتد على مسافة خمسة كيلومترات تقريبا،وتمتاز بثلاث جهات، ففي الجهة الأولى يوجد حي المحطة، وفي الجهة الثانية المدينة الجديدة، وفي الثالثة المدينة القديمة و آثارها التاريخية. وفي قلب هذه المآثر يوجد المسجد الكبير أو الجامع الأعظم كما يسميه التازيون، هدا المسجد بدأ الموحدون بناءه في أوائل القرن السادس الهجري، لكنه لم يتم على الشكل الذي ما يزال عليه إلا في عهد المرينيين الذين أتموا شطره الثاني، فأضافوا إليه ست بلاطات و قبة مشرفة على المحراب تعتبر من أهم القباب تصميما و زخرفة و أجملها رونقا و فتونا، و قد وقع تجميل المسجد بثريا فريدة ، أمر السلطان أبو يعقوب يوسف المريني بتعليقها سنة 694 ه.
يلاحظ المؤرخون أن مدينة تازة كانت موجودة قبل الفتح الإسلامي بمآت السنين، ولعل تسميتها بهذا الاسم هو أنها كانت في الأصل ‘تيزي’ بكسر التاء و تشديد الزاي و معناها البربري الثنية أي العقبة، ويؤيد هذا أن كل من صعد إلى مكان مرتفع تظهر له هذه الثنايا من كل الجهات، فهناك ثنايا تطل على مكناسة الشرقية، و ثنايا تطل على ملوية وثنايا مكناسة الغربية وتمتد بك هذه الثنايا إلى جبل الطواهر ذي المنعرجات والشعاب الوعرة. ويؤكد هذا الفهم الدكتور عبد الهادي التازي في كتابه ‘رسائل مخزنية’ ص 122 حيث يقول: ‘وإذا كانت كلمة تازي تعني بالفارسية معنى (عربيا) فإنها عندنا نسبة لتازة التي هي تعريب للفظ ‘تزا’ الزناتية التي تؤدي معنى الثنايا’، والواقف بأعلاها تقابله فعلا الثنايا و المنعرجات من جميع الجهات.
يطالعنا مؤلفان هامان يشكلان زبدة ما قيل وكتب حول تاريخ تازة في حدود الوثائق والمصادر المتوفرة وهما ” أضواء على ابن يجبش التازي ” للأستاذ ومفتش التعليم السابق بتازة المرحوم أبي بكر البوخصيبي وكتاب المغفور له العلامة الحاج أمحمد بن أحمد الامراني العلوي حول ” ابن بري التازي إمام القراء المغاربة ” الأول صدر مطبوعا سنة 1976 بعد أن نال به صاحبه جائزة المغرب الثانية سنة 1972 والغريب أن ولع الرجل – رحمه الله – واهتمامه هما اللذان حفزاه إلى التـأليف عن تازة علاوة على عشقه لهذه المدينة ، فكتب عن أحد متصوفيها المجاهدين ” أبو عبد الله أمحمد بن عبد الرحيم بن يجبش التازي التسولي.
جدير بالذكر أن هناك كتاب مفقود للأسف الشديد كان من الجائز أن يصبح من أمهات مصادر التأريخ لمدينة تازة وأحوازها وقد ذكره المرحوم أبو بكر البوخصيبي في كتابه المشار إليه آنفا ( أضواء على ابن يجبش …) ونقصد المؤلف الذي يعرف عنوانه الكثير من الباحثين والمؤرخين ” تقريب المفازة في تاريخ مدينة تازة ” وقد نسبه البوخصيبي إلى الطيب العلوي أحد قضاة تازة ، بينما نسبه صاحب دليل مؤرخ المغرب الأقصى عبد السلام بن سودة إلى أبي الحسن علي الجزنائي.
أما بالنسبة لكتاب ج امحمد الامراني ” ابن بري التازي إمام القراء المغاربة ” فقد طبع سنة 1996 بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله، تحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وبتصدير لكل من الوزير السابق عبد الكبير العلوي المدغري، والمؤرخ عبد الهادي التازي والعلامة عبد الله كنون، وهناك مؤلفات أخرى جرت على ذكر تازة وبعض من تاريخها لعبد الوهاب بن منصور مؤرخ المملكة الراحل وعبد الهادي التازي (” رسائل مخزنية ” كنموذج وهو في مجمله تعريف بأسرة التازيين المشهورة والخدمات والمناصب التي شغلتها ضمن جهاز المخزن).
علاوة على كل ما ذكرنا كان لابد من الاستئناس بمؤلفات إخواننا المشارقة الذين أدلوا بدلوهم فيما يخص تاريخ المغرب وسجلوا لتازة صفحات محترمة وأخص بالذكر هنا سلسلة مجلدات ” تاريخ المغرب الكبير” بأجزائها الأربعة من تأليف الأساتذة رشيد الناضوري السيد عبد العزيز السالم وجلال يحيى.
على مستوى المراجع الأجنبية فقد استفدت من الفرنسية بالأساس اطلاعا مباشرا أو عن طريق الترجمة وهي متعددة ومختلفة من حيث أجناس الكتابة والأهداف المتوخاة لكنها تتوفر على مميزات وخصائص الوثائق التاريخية وصدقيتها مع ما يجب تسجيله هنا من تحفظات منهجية ومعرفية تتعلق بالخلفيات الأيديولوجية والاستعمارية التي حركت بعضها وعلى رأسها الجاسوسية والتمهيد للتدخل العسكري الاستعماري ( نموذج كتاب ” التعرف على المغرب ” لشارل دوفوكو ) دون إغفال المؤلفات التي تتميز بنوع لا ينكر من النظرالتاريخي الموضوعي كمؤلف ” افريقيا ” ل لمارمول كاربخال وكتابات هنري تيراس ( تاريخ المغرب – مسجد تازة الأعظم – تازة نبذة تاريخية وأركيولوجية ) وشارل أندري جوليان من خلال كتابه ” تاريخ إفريقيا الشمالية ” بجزئيه ومن كتب الرحلات مؤلف ” التعرف على المغرب ” للجاسوس والمبشر الفرنسي شارل دوفوكو، وأخرى أحالنا عليها الأستاذ عبد الرحمان المودن من خلال أطروحته التاريخية ” البوادي المغربية قبل الاستعمار: قبائل ايناون والمخزن بين ق 16 وق 19 ” إضافة بالطبع إلى مذكرات ويوميات ضباط الجيش الفرنسي وأهمها ما سجله الضابط فوانو( 1869/ 1960) وأقصد كتاب ” تازة وغياثة ” في 110 صفحة وقد غلبت عليه مصطلحات واستراتيجية الكتابة العسكرية ولكننا لا نتجاهل قيمته.
جغرافية المدينة
موقع تازة المتميز :
إن موقع مدينة تازة موقع فريد لكونه صلة وصل بين المنطقة الشرقية و المنطقة الغربية من المغرب من جهة، وبين جبال الريف شمالا و المجموعة الأطلسية و من ضمنها الأطلس المتوسط جنوبا. فكانت هذه المدينة ممرا ضروريا يفصل ناحيتين متباينتين، وهما سلسلة جبال الريف و الأطلس المتوسط و بقيت هذه الطريق منذ القدم، ذات أهمية كبرى، ولا تخرق الجبال الموجودة غربي مدينة تازة إلا عن طريق الوادي الضيق الذي يجري فيه نهر إيناون، ومن ذلك كان لموقع تازة أهمية عسكرية ذات بال، إذ إنها تستطيع أن تغلق ذلك الممر بين الشرق و الغرب، ويكاد دخول مدينة تازة يمتنع من جهات الشمال و الغرب و الشرق. أما من الجهة الجنوبية الجبلية، فيسهل النفوذ إليها، وذلك ما جعل سكانها يحصنونها بسورين و خندق للدفاع على منابع الماء و منع الغزو الذي كانت تتعرض له المدينة من طرف القبائل المجاورة و خاصة من قبيلة غياثة عندما كانت تضطرب الأحوال.
جغرافيّة ومناخ مدينة تازة :
تتواجد المدينة عبر الممرّ الواصل ما بين المغرب الغربيّ بالمغرب الشّرقيّ، ويُعتَبر مَوقعها نقطةَ تحوُّل ما بين حوض إيناون الخصب غرباً، والممتّد باتجاه الحوض السُّفلّي من سهل سايس، وبين حوض ملوية شبه الجافّ شرقاً، كما أنّها تُعتبر كمنطقةِ وصلٍ ما بين مُقدّمة الرّيف الشّماليّ والأطلس المُتوسّط الشرق جنوبيّ، كما يبلغ ارتفاع المدينة عن مستوى سطح البحر قرابة 585 متراً، أمّا الهدف الأساسيُّ لإنشائها منذ القدم كان لأغراضٍ عسكريّةٍ أمنيّة لحمايّة المنطقة الشرقيّة، كما أنّها مدينةٌ جبليّةٌ يتميّز مُناخها بالبرودة في فصل الشّتاء والحرارة في فصل الصّيف.
أبرز أحياء مدينة تازة :
- القدس
- المسيرة
- الكوشة
- المستقبل
- مسيلة
- حي بين جرادي